عرف عصر الانتقال الثالث بشكل عام بأنه فترة من اللامركزية والضعف. بنهاية فترة حكمه، لم يعد رمسيس الحادي عشر (1099-1069 ق.م) -آخر ملوك الدولة الحديثة- هو الحاكم الفعلي لمصر بأكملها. وبعد وفاته اتخذ فرع من الرعامسة من تانيس (صان الحجر حالياً) في شمال شرق الدلتا عاصمة لهم. وعلى الرغم من أن عهد هؤلاء الملوك المكونين للأسرة الحادية والعشرين (1069- 945 ق.م) تم الاعتراف به في جميع أنحاء البلاد، إلا أن مصر العليا في الواقع تحت حكم مستقل في يد الكاهن الأكبر لآمون في الأقصر والذي شغل في نفس الوقت أعلى منصب عسكري. يصف المؤرخون هذه الفترة بأنها ثيوقراطية، لأن كهنة الرب آمون هم أعلى سلطة بالبلاد أكثر من الملك نفسه.
وجاء شيشنق الأول ، مؤسس الأسرة الثانية والعشرين (حوالي 945 - 715 ق.م)، من عائلة قوية ليبية الأصل من بوباستس (تل بسطة حالياً) في شرق الدلتا، والتي جعلها عاصمة له. وقد نجح في جعل البلاد تحت سيطرته، وقام بحملات عسكرية ناجحة في الشرق (منطقة فلسطين ولبنان وسوريا) كما قام بتنفيذ مشاريع بناء ضخمة. ولكن للأسف هذا النجاح على المدى القصير لا يمكن أن يعكس الاتجاه العام لحالة الامركزية التي سادت في مصر، وبعد وفاته بدأت سيطرة الحكومة المركزية على البلاد في الانحدار.
بحلول عصر الأسرة الثالثة والعشرين لم تكن العديد من المناطق مستقلة تمامًا فحسب، بل كان حكامها يعتبرون في الواقع أنفسهم ملوكًا، يرتدون شارات ملكية ويحملون ألقاب ملكية. خلال تلك الفترة، كانت المملكة النوبية الكوشية المتمركزة حول نبتة بالقرب من الجندل الرابع، في الارتقاء حتى بدأت في غزو مصر. في نهاية المطاف احتلت الأسرة النوبية الخامسة والعشرين البلاد حتى وصلت إلى منف تحت حكم الملك بيي (747 - 716 ق.م)، الذي ينسب بقية ملوك الأسرة أنفسهم إليه. وقد ساد هذا العصر ازدهار كبير حيث ازدهر الفن والمعمار وتم بناء العديد من المنشآت العظيمة.